Wednesday, April 24, 2019

هل لقاء السيسي وحفتر مقدمة "لقوات مصرية في ليبيا"؟

ما زالت ليونورا تحب زوجها المتطرف، وتقول إنها ستنتظره اذا أعيد إلى ألمانيا وحكم عليه بالسجن.
وتطرقت في حديثها إلى وفاة إبن شميمة بيغوم الذي ولد في المخيم ومات بعد 20 يوما. أصيب طفلاها بأمراض، ولكنها تقول إنها تشعر بأنهما سيكونان بخير في نهاية المطاف.
لم يدم لقائنا الثاني طويلا، فقد كانت ليونورا ميسينغ مرتبطة بموعد مهم. وصل رتل من السيارات المدرعة يستقله غربيون يحميه مسلحون إلى المخيم. قالت ليونورا "تريد الحكومة الألمانية أن تتفقد أوضاع طفليّ".
قال وزير الخارجية البريطانية إنه من الخطورة بمكان أن يتوجه دبلوماسيون بريطانيون إلى سوريا، البلد الذي لا توجد فيه سفارة أو قنصليات (حالها حال ألمانيا). ولا توجد إلى الآن خطط لاعادة النسوة والأطفال البريطانيين الذين قتل العديد من أزواجهن أو جردوا من جنسياتهم البريطانية.
وبينما تزداد الغيوم الماطرة كثافة، توجهت نحونا شابتان بكل تصميم. رائحة المخيم تزكم الأنوف ولا يوجد صرف صحي والأمطار تزيد من الطين بلة. كانت واحدة منهما تحمل حقيبة غالية الثمن. ومن خلال النقاب الذي كانتا ترتديهما، تيقنت أنهما مجرد مراهقتين.
قالتا بنبرات تخلو من الغضب "أين أزواجنا؟ متى سيطلق سراحهم؟". وعندما هز زميلي أكتافه تعبيرا عن جهله بما كانتا تطالبان به، سألته واحدة منهما "أسأله" مشيرة إلي بكفها الذي كان مغطى بقفاز أسود، بينما سمعنا أصوات قهقهة من تحت الأردية السوداء التي كانتا ترتديانها.
قد تحصلان على اجابات لأسئلتهما في الأيام القادمة، إذ يستعد العراق لاستعادة مواطنيه. سينقل المعتقلون ذوو القيمة العالية أولا وسيواجهون الإعدام على الأرجح، وسيتبعهم أطفالهم ونسائهم. وتم إعداد مخيمات لذلك في العراق بالفعل، مخيمات لا تبعد كثيرا عن مخيم الهول ولكن على الجانب العراقي من الحدود.
قد يؤدي ذلك إلى رفع الضغط عن مخيم الهول، ولكنه لن يحل المعضلة التي يشكلها المخيم بالنسبة للدول الغربية، وهي معضلة تتلخص في السؤال: "كم من الرحمة ينبغي لك أن تبديها لعدو خال من الرحمة؟". وما سيكون مصير نساء المسلحين وأطفالهم بعد
تقول ملك البالغة من العمر 23 عاما إن والدها كان يتصل بها من العمل للتأكيد على سلامة ابنته قائلا :"لا تغادري المنزل اليوم إلا في حالة الضرورة فقط".
كان والدها يحرص على إجراء هذا الاتصال بعد حدوث هجوم فتح فيه مسلح النيران على مسجدين في نيوزيلندا خلال صلاة الجمعة في شهر مارس/آذار الماضي.
تقول ملك: "كنت جالسة في هذا اليوم الرهيب في مسكني في بيت الطالبات في نوتنغهام، أقاوم دموعي وأنا أشاهد وسائل التواصل الاجتماعي مع استمرار ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم".
حدث ذلك في أعقاب هجوم نيوزيلندا، إذ تلقت منظمة "رصد الهجمات المعاية للمسلمين"، المعروفة باسم"تيل ماما" أي (أبلغ ماما) ، بعد أسبوع من إطلاق النار على المسجدين في مدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية، أضعاف عدد حالات الإبلاغ عن ارتكاب جرائم بدافع الكراهية أكثر من متوسط العدد الذي تتلقاه أسبوعيا، وفقا لأرقام صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وهو نفس الشيء الذي حدث في أعقاب هجمات "ويستمنستر" و"لندن بريدج" في عام 2017. كما سجلت حالات الإبلاغ عن جرائم بدافع الكراهية في نفس العام في مدينة مانشستر الكبرى، بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف سيدات وأطفالا على وجه التحديد خلال حفل موسيقي، زيادة تجاوزت 500 في المئة، وفقا لأرقام الشرطة الرسمية، والتي تضمنت أيضا جرائم بدافع الكراهية على الإنترنت.
وعلى الرغم من تراجع عدد الحوادث المبلغ عنها منذ حدوث تلك الهجمات، يبدو أن الإسلاموفوبيا عموما تفاقمت خلال العقدين الماضيين.
ففي عام 2018 وحده، وفقا لأرقام حكومية، سجل عدد جرائم بدافع الكراهية الدينية زيادة بواقع 40 في المئة في شتى أرجاء بريطانيا، يستهدف أكثر من نصفها المسلمين.
سأكون كاذبة إن قلت إن سماع مثل هذه الإحصاءات لم يجعلني خائفة. لكني أرفض الانعزال، فبالنسبة لي كون المرء مسلما لا يعني هوية ثقافية فحسب، بل هو عدم الخوف في مواجهة الكراهية. لذا كنت أسوق لوالدي بعض الأكاذيب البيضاء، وعشت حياتي بطريقة معتادة: أحضر فصولا دراسية وأشارك في أنشطة السياسة الطلابية وأذهب لتناول القهوة مع الأصدقاء.
وخلال الأيام التالية للهجوم، نظمت أمسية لنحو 60 شخصا في نوتينغهام، وأردت أن أتيح للمسلمين مساحة نستطيع من خلالها التواصل فيما بيننا ونشاطر بعضنا ما نشعر به جميعا كناجين وحزانى على أولئك القتلى، والتعامل مع الخوف المكبوت بداخلنا من أن تكون المساجد هي الهدف التالي. وقد تكون أسرتنا، ونحن عاجزون عن وقفها.
لا يعد التعامل مع الخوف جديدا بالنسبة لي. أنا نشأت في شرقي لندن، في منطقة يسودها سكان ينتمون إلى الطبقة العاملة من الآسيويين والمسلمين. وعلى الرغم من وجود الكثير من المساجد والأغذية "الحلال" في متاجر السوبر ماركت المحلية، إلا أنني قضيت سنوات طفولتي ومراهقتي أعيش في كنف عنف مناهض للمسلمين.
بدأت مرحلة تعليمي الابتدائية عندما حدثت هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الإرهابية. كنت أبلغ من العمر خمس سنوات، وأتذكر أنهم كانوا يطلقون عليّ أسماء في ساحة اللعب في المدرسة، وفجأة فقدت الشعور بالأمان.
بعد أربع سنوات حدث هجوم السابع من يوليو/تموز عام 2005 في لندن، مدينتي. أتذكر الشعور بصدمة والخوف من أن يحدث أي شيء كهذا بالقرب من منزلي. وبعد ذلك تغير كل شيء.
بدأ التنمر في المدرسة وتسميتي "بن لادن" أو "إرهابية"، ولم تقتصر الهجمات على الإساءة اللفظية فقط، بل أحيانا كنت أذهب إلى منطقتي وأسرتي بإصابات جسدية واضحة. وفي مناسبات قليلة، كانت الاعتداءات سيئة حقا، وينتهي الأمر بي في المستشفى.
ظل أثر تلك الأحداث بداخلي حتى يومنا هذا، وإن تعرضت إلى سوء معاملة، يكون رد فعلي الأول هو "ماذا فعلت لاستحق هذا؟ ماذا فعلت؟ لابد أن هناك خطأ"
التحقت بعد ذلك بمرحلة التعليم الثانوية، وعانيت من اضطرابات في الأكل، ومازلت أعاني من اكتئاب ومشكلات نفسية أخرى حتى اليوم.
وصل التنمر في المدرسة إلى حد كونه أصبح كالكابوس. كنت أعاني من عجزي عن تكوين أصدقاء والحفاظ على الهدوء في الفصل. كنت أخاف من أن أطرح رأيا في أي شيء.
كان كل ما كنت أرغب فيه في ذلك الوقت هو اعتباري "بريطانية" وأن أعامل مثل جميع الأطفال غير المسلمين في الفصل. قيل لي مرارا أنت "لست بريطانية"، بل "إرهابية" وأسوأ من ذلك. وكانوا يلومونني على أعمال يرتكبها متطرفون قتلة بزعم أنهم يشاركونني الدين.
كان الالتحاق بالجامعة في نوتنغهام صدمة ثقافية هائلة بالنسبة لي، على الرغم من نشأتي في حي يغلب عليه الآسيويون في شرقي لندن. كنت المسلمة الوحيدة والآسيوية الوحيدة في المحاضرة. كانت رؤية مسلمة ترتدي الحجاب مشهدا مألوفا في منطقتنا. لكني قابلت أناسا في الجامعة من مناطق ريفية لم يسبق لهم رؤية سيدات يرتدين الحجاب إلا على شاشات التلفزيون أو في الصحف.
لا أستطيع حصر كم عدد المرات التي اضطررت فيها إلى توضيح الأمر، نعم أنا ارتدي الحجاب بمحض اختياري. ولم أُجبر على ارتداء الحجاب. كنت محظوظة بعدم الاعتداء عليّ في حرم الجامعة وأنا أرتديه. أعرف فتيات خلعن حجابهن.
عندما بدأت مرحلة تعليمي الجامعية، أردت أن أبدأ صفحة جديدة في حياتي بعيدة عن التنمر والسخرية، والشعور بعدم الخوف من كوني مختلفة. وخلال سنوات ارتديت حجابي بطريقة أشبه كثيرا بالعمامة، وأشبه بطريقة تواكب موضة العصر.
كنت قلقة في البداية من كوني لا أستطيع التغلب على ذلك بعيدا عن منطقتي، وعدم الشعور بالأمان أو ظهور قضية الانتماء من جديد على السطح. وحمدا لله، استطعت تكوين شبكة قوية من الأصدقاء حاليا. وقضيت ستة أشهر أيضا أدرس في الخارج في ماليزيا، وهي تجربة ربما كنت أخشاها وأنا أصغر سنا.
أشعر اليوم بمزيد من الثقة بنفسي، وأصبح لي رأي في أنشطة السياسة الطلابية. ومازالت أعاني من مشكلات نفسية ولم يفارقني تأثير الصدمة التي عانيت منها وأنا في مثل هذا السن الصغير.
عدت مؤخرا إلى ارتداء حجابي بالطريقة التقليدية، كتلك الطريقة التي اعتدتها وأنا في سن المدرسة.
الأمر بالنسبة لي هو استعادة لرمز هويتي كمسلمة، وأنا أرتديه في هذه الأيام بفخر، حتى في وجه الكراهية.
زوال الدولة الإسلامية؟